اكثر ما يشد الانتباه في الخطاب الملكي السامي بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الاخيرة، يوم الجمعة المنصرم، هو حديث جلالة الملك محمد السادس نصره الله، عن “التنمية المحلية”، وهي رسالة بليغة ان التنمية الشاملة لا يمكن لها ان تتحقق إلا انطلاقا من المحلي، سواء على مستوى “الدوار” بالعالم القروي او “الحي” بالمجال الحضري.
أضف إلى ذلك ان الخطاب السياسي للمؤسسة الملكية بقدر ما توجه بشكل مباشر الى البرلمان لرمزية مكان الخطاب بمجلس النواب، فهو توجه ايضاً بشكل مباشر الى كافة مكونات المجتمع لرمزية الزمان ، وفي مقدمتهم الأحزاب السياسية والمجتمع المدني والإعلام للعب دور التأطير والتعريف بمجهودات السلطات العمومية.
والملاحظ ان المملكة المغربية بقدر ما حققته من تراكمات وانجازات تنموية للمشاريع الاستراتيجية الكبرى، فالأولوية اليوم ليس خيارا مؤقتا في العمل على تقليص الفوارق المجالية الترابية، وهو ما يمكن استخلاصه من خلال المشروع الطموح للجيل الجديد لبرامج التنمية الترابية.
الذي سيستطيع التقاط الإشارات، في درجة اولى هي السلطة الترابية في ضبط موازين القوى وإرساء عمل تشاركي ناجع بين التوفيق في الرهانات التنموية التي يتطلع لها المواطنون في حياتهم اليومية، وبين “جيش” من المنتخبين المحليين، خاصة اولائك الذين لا ينظرون إلا الى يوم الاقتراع، بينما الانتخابات ستجرى في موعدها القانوني الاعتيادي، وان الحملة الانتخابية مدتها أسبوعين قبل يوم الاقتراع، وليس سنتين على مستوى الجماعات الترابية.
وعليه يمكن القول ان حان الوقت تفعيل اللجنة التقنية الإقليمية التي هي من صميم اختصاص مؤسسة العامل، في تأطير النقاش التنموي وتنزيل الأولويات المحددة في خطاب عيد العرش المجيد الأخير والخطاب الافتتاحي للدورة التشريعية، كون ان هذه اللجنة التقنية يمكن بقوة القانون دعوة كافة رؤساء الجماعات الترابية ومدراء المصالح الخارجية وفعاليات المجتمع المدني والنقابي والإعلامي.
أضف الى ذلك، انه حان الوقت للأحزاب السياسية في فتح مقراتها واستقطاب النخب وعموم المواطنين، من خلال إطلاق ديناميات الحوار المحلي حول السياسات العمومية، وتقبل النقد البناء، وتقوية العيش المشترك رغم الاختلاف المحمود، الذي يصبوا في الأخير إلى خلق جو من الحرية المسؤولية التي تجمع الجميع حول النموذج التنموي الجديد لكن بروح وطنية صادقة ذات بعد تنموي ينطلق من المحلي إلى الدولي مرورا بخيار الجهوية المتقدمة.
كما يبقى إشراك الشباب والنساء أهمية بارزة في المساهمة الجادة والمسؤولة في تعزيز المشاركة المجتمعية لما يخدم الصالح العام، مع تقبل بشكل استباقي اندفاع الشباب المتسرع لحداثة سنهم، او انزعاج النساء السريع لخصوصيتهن البشرية.
