-حمزة رويجع-
يعود اسم عبد الواحد خلوقي، السياسي المعروف ورئيس المجلس الإقليمي السابق لسيدي سليمان، إلى واجهة النقاش الوطني من جديد بعد تدوينة مطولة نشرها على صفحته الرسمية، كشف فيها تفاصيل ما وصفه بـ”مؤامرة سياسية ممنهجة” استهدفته منذ سنة 2022، متهماً خصمه السياسي إدريس الراضي وابنه بالوقوف وراءها، عبر توظيف النفوذ واستغلال بعض مؤسسات الدولة لتصفية حسابات شخصية وسياسية.
عبد الواحد خلوقي ليس اسماً عابراً في المشهد المحلي والوطني؛ فهو أحد أبرز الوجوه السياسية التي راكمت تجربة طويلة في التدبير العمومي والجمعوي. فقد تقلّد منذ سنة 2003 عدداً من المسؤوليات البارزة، منها عضويته في المكتب السياسي لحزب الاتحاد الدستوري، ومنسقاً إقليمياً للحزب بسيدي سليمان، ورئيساً للمجلس الإقليمي، إلى جانب مهامه في مجموعة الجماعات الترابية بني احسن للبيئة والجمعية المغربية لرؤساء مجالس العمالات والأقاليم.ويؤكد الخلوقي أنه خلال كل هذه السنوات، ظل يشتغل بإخلاص واضعاً مصلحة الوطن والمواطن فوق أي اعتبار، قبل أن يجد نفسه، كما يقول، “ضحية استهداف سياسي مكشوف”.
في رسالته المؤثرة التي نشرها مؤخراً، قال الخلوقي بالحرف “وجدت نفسي أنا وعائلتي ضحية مؤامرة سياسية ممنهجة، هدفها تدمير مساري وتشويه سمعتي واستبعادي من الساحة السياسية”.وأشار إلى أنه ومنذ بداية سنة 2022، تعرّض لحملات تشويه ممنهجة وتهمٍ باطلة وصلت حد التنصت على أفراد عائلته وتسريب معطياتهم الشخصية، في محاولة لتوريطه في ملفات وهمية.وأضاف أنه رغم كل ذلك، اختار الصمت والالتزام بالقانون، مراسلاً عدداً من المؤسسات العليا في البلاد، منها الديوان الملكي، رئاسة النيابة العامة، وزارة الداخلية، المجلس الأعلى للسلطة القضائية، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومؤسسة الوسيط.
وفي حديثه عن القضية التي وُجهت له فيها التهم، عبّر الخلوقي عن استغرابه مما وصفه بـ”اللامنطق القضائي”، قائلاً: “كيف يُدان شخص لوحده في ملف عُرفت إعلامياً بملف العصابة، بينما تمت تبرئة جميع المتهمين الآخرين؟! كيف تُقبل طعون الجميع وتُرفض قضيتي وحدي، رغم أن الأدلة واحدة؟”.
ويعتبر الخلوقي أن هذا التناقض يُضعف مصداقية الحكم، مؤكداً أن المحكمة اعتمدت على شهادة شخص من ذوي السوابق القضائية، ثبت لاحقاً أنه كان مدفوعاً من خصمه السياسي، ورغم تراجعه عن أقواله، بقيت شهادته أساس الإدانة.وتحدث الخلوقي أيضاً عن الزجّ باسمه في ملف خطير يتعلق بالمخدرات والسلاح ووثائق مزورة، من خلال استعمال سيارة تحمل بياناته، مؤكداً أن التحقيقات التي باشرتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية أثبتت براءته وكشفت الجهات الحقيقية التي تقف خلف المؤامرة، غير أنه – حسب قوله – لم تُتخذ الإجراءات القانونية اللازمة في حق المتورطين، مما زاد من شعوره بالظلم.
عبد الواحد خلوقي أوضح أنه لم يهرب من العدالة، بل غادر البلاد لأسباب صحية ونفسية موثقة بعد تعرضه لضغوط وتهديدات خطيرة، مؤكداً أنه على استعداد تام للمثول أمام القضاء المغربي “متى توفرت ضمانات المحاكمة العادلة”.وأضاف قائلاً: “لقد صمتّ كثيراً احتراماً للمؤسسات الوطنية، لكن للأسف، تجاهل الإعلام الوطني قضيتي رغم وضوحها، وكأن هناك من لا يريد للحقيقة أن تظهر”.
في ختام رسالته، وجه عبد الواحد خلوقي نداءً مؤثراً إلى جلالة الملك محمد السادس نصره الله، مؤكداً أنه لا يزال مؤمناً بعدالة المؤسسة الملكية وثقته الراسخة في إنصاف المظلومين، قائلاً “لقد راسلت جلالة الملك عدة مرات، وما زلت أرفع إليه تظلمي بكل إيمان وعدل، لأنه الضامن لحقوق جميع المغاربة والساهر على سيادة القانون”.
قضية عبد الواحد خلوقي تطرح من جديد أسئلة جوهرية حول حدود الصراع السياسي في المغرب، واستعمال النفوذ لتصفية الحسابات، ومدى حماية المؤسسات للأفراد من تعسف الخصومات السياسية.وإذا كانت العدالة المغربية قد قطعت أشواطاً مهمة في استقلالها وشفافيتها، فإن هذه القضية، بكل ما تحمله من تفاصيل، تستدعي يقظة مؤسسات الرقابة والإنصاف، حتى لا تتحول الخلافات السياسية إلى أدوات للانتقام الشخصي.
في النهاية، يظل صوت الخلوقي صرخة في وجه الظلم، ورسالة واضحة بأن المواطنة الحقة لا تُقاس بالمناصب، بل بالثقة في دولة الحق والقانون.
