-حمزة رويجع-
شيّعت مدينة الجديدة يوم أمس الجمعة الراحل إبراهيم هشومي الملقب بـ”باجدي”، إلى مثواه الأخير، في جنازة شهدت لحظات مهيبة من الحزن والاعتبار. رحل الرجل وترك خلفه أثراً طيباً، فشاء القدر أن يظل قبره في الدنيا شجرة مثمرة، فيما يبقى الأمل معقوداً أن يشمله الله برحمته الواسعة، وأن يظلّه يوم لا ظل إلا ظله.
ولعل حضور الجنائز مناسبة للتذكير بأن الحياة الدنيا ليست سوى محطة عابرة نحو دار البقاء، وأن الوقوف بين القبور يحمل في طياته موعظة بليغة تذكّر الإنسان بحقيقة المصير. غير أن ما وقع خلال هذه الجنازة أثار الاستغراب، حينما استغل شاب يافع أجواء الحزن والخشوع ليوجه رسالة احتجاجية إلى عبد اللطيف المقتريض، رئيس فريق الدفاع الحسني الجديدي لكرة القدم، مطالباً إياه بالرحيل والمحاسبة.
ومع أن رئيس الفريق أبان عن حلم ورباطة جأش باختياره عدم الرد توقيراً لحرمة الموقف وتقديراً لمشاعر الأسرة المكلومة، فإن الحادثة طرحت سؤالاً جوهرياً حول مدى احترامنا لقدسية المقابر وحرمة لحظة الوداع.
صحيح أن الشاب من حقه أن يعبّر عن رأيه متى شاء، غير أن الزمان والمكان كانا خطأً فادحاً، فتحوّل الموقف إلى مشهد مثير للجدل على منصات التواصل الاجتماعي.
الأخطر من ذلك أن مثل هذه التصرفات قد تعكس ثقافة دخيلة على أخلاقيات الجمهور الرياضي الجديدي، الذي عُرف تاريخياً بالانضباط والروح الرياضية.
إن المقابر ليست فضاءً لتصفية الحسابات أو رفع الشعارات، بل هي مكان للعظة والتضرع وطلب الرحمة. ومن المؤسف أن يتكرر السلوك ذاته داخل الملاعب في وقت سابق من سب وشتم في حق “الوالدين” لا علاقة لهم بالتسيير الرياضي. فما بين دعوات “ارحل” التي عرفتها مدرجات فرق كبرى، وبين السب العلني ل”والدة” رئيس فريق لمجرد أنها أنجبت وربّت ودرّست أبناءها، فرق شاسع بين النقد المشروع والتجريح المرفوض.
وأعتقد ان ما عرفته “والدة” المقتريض من سب وشتم في مباريات سابقة هو السبب الرئيسي في مواصلة المقتريض تسيير الفريق ليومنا هذا، فلقد تآمر على الفريق وميزانيته نواب برلمانيون ورؤساء جماعات ترابية بتواطئ مفضوح لمسؤول ترابي سابق ونظمت وقفات سوداء فقط لاسقاط المقتريض من دفة التسيير لكن مشيئة القدر عاكست كل تلك النوايا والأطماع ولعلها دعوة صادقة من “الوالدة” لابنها هي من وقفت معه وسط تلك العواصف.
ربما إذا ما ارادت الجماهير رحيل ومحاسبة المقتريض ان تعتذر اولاً ل”والدة” المقتريض وتتراجاها بأن تطلب من ابنها “يا سخط يا الرضى” لتقديم الإستقالة، فهو طريق سهل لتحقيق الهدف خاصة في ظل تواجد البديل عبدالرحيم المقتريض رئيس العصبة الجهوية الذي راكم تجربة هامة وهو محط تقدير واحترام من مختلف مكونات مدينة الجديدة لحسن خلقه ونور وجهه الرباني.
لقد آن الأوان أن نرفع جميعاً صوت العقل، وأن نميز بين حرية التعبير كحق مكفول، وبين التطاول على حرمة الموتى أو كرامة الأحياء خاصة توقير “الوالدين”.
كما ان المقابر لها قدسيتها، والرياضة لها فضاؤها، وكل خروج عن هذه القواعد ليس سوى مساس بقيم مجتمعنا وأخلاقه.
وفريق الدفاع الحسني الجديدي لهذا الموسم الرياضي يجب ان يكون جامعاً للشمل مطهرا من الأحقاد.
رحم الله “باجدي” وغفر الله لذلك الشاب اليافع…
