السياسي الماكر.. “بوكو حرام” وزرع الفتنة بين أبناء القبيلة والحسد الذي اعمى البصيرة
-حمزة رويجع-
مع مرور الوقت، استمرت ألاعيب السياسي الماكر في النمو والتعقيد، لم يكن يكتفي بالتلاعب بالأصدقاء والحلفاء فقط، بل بدأ يتحرك لإثارة الفتن داخل المجتمع، وخاصة بين أفراد الأسرة.
كان يشعر بحقد وحسد شديدين تجاه الشاب “السبع”، الذي استطاع بجهده وذكائه أن يسطع نجمه ويجمع ثروة من الحلال اقرتها احكام قضائية بإسم جلالة الملك وطبقا للقانون، كان السبع نموذجًا للشاب الطموح والنزيه، الذي يحظى باحترام الجميع. في المقابل، كان السياسي الماكر يشعر بالنقص تجاهه، فثروته الكبيرة كانت كلها من تجارة موجهة لغير المسلمين، ولهذا السبب أطلق عليه الناس لقب “بوكو حرام”.
قرر “بوكو حرام” أن يضرب على وتر الحسد والكراهية ليزعزع استقرار عائلة “السبع” فبدأ بالتخطيط لاستهداف والدته في عملها الوظيفي، مستخدمًا أساليبه الماكرة لإثارة الشكوك والفتنة حول الأسرة، كانت البداية بخلق إشاعة عن شبهات تدليسية في تعاملات قانونية.
لم يقتصر “بوكو حرام” على ذلك فقط، بل بدأ بنشر شائعات حول بناية راقية، شيدت بالأرض الطيبة المباركة “دكالة” لتكون محج جميع الأصدقاء والأحباب، وصرحا يكشف النخوة الدكالية والأصالة المغربية، حتى إذا أتى ضيوف أجانب أو من أعيان قبائل مجاورة، افتخروا بذلك، عكس “بوكو حرام” الذي اختار ضفاف البحر والاستيلاء على ملك الغير، أو ضمان جدران خارج المغرب ب”Malaga” قصد التحضير للهروب الكبير، حينما ينتهي رصيده من خلق الفتن وتنكشف الحقيقة الضائعة حول شخصيته النفسية المتأزمة.
في ضواحي بوسكورة تتواجد مصحة للأمراض النفسية والعقلية، فكما اكدنا علميا، انه بعد مرور أزيد من أربعين سنة على الادمان على شرب الكحول، يتأثر الفص الأمامي من المخ، ويبدأ بالضمور، مما يسبب في أمراض الجهاز العصبي، حيث تكون الآثار الجانبية ممثلة في سرعة النسيان وكثرة الكذب، وعدم القدرة على التحليل واتخاذ القرارات الصائبة، ويصبح “بوكو حرام” اكثر عصبية من ابسط الأشياء كعدم الرد على الهاتف بسبب التواجد داخل الحمام أو أثناء اداء صلاة الجماعة.
في يوم عرفة الأخير، كان “الجوكر” بصحبة “بوكو حرام”، بالعاصمة الاقتصادية الدارالبيضاء، ولم يفوت “الجوكر” فرصة استثمار ذلك اليوم في صومه، كونه يغفر ذنوب السنة الماضية والقادمة، لم يستطع “بوكو حرام” تقبل ذلك، فما كان في قلبه صدقه لسانه، ليقول “راه غير مقمر إلا صدق ليه هاد الصيام”، حينها علم “الجوكر” انه أمام شخصية جد مريضة، بل دعى الله ان يهديه إلى حسن الثواب عند الإفطار، خاصة ان ذلك كان بشربة ماء على حساب “النادل”، أما الطاجين فكان على حساب “بوكو حرام”، والشيء بالشيء يذكر، انه حينما يحل إنسان صائم بجانبك، فتلك فرصة ذهبية مع الله في افطار صائم حيث الاجر والثواب للصائم ولمفطره بالحلال إلا ان نية “بوكو حرام” نية “مخلوضة”، يقتلها الشك والحسد حتى من اقرب اقرب مقربيه.
استغل “بوكو حرام” كل فرصة لزرع الفتنة بين أفراد قبيلة دكالة، مستخدمًا كل وسيلة ممكنة للتضليل وجعلهم يشكون في بعضهم البعض، كان يرسل رسائل مجهولة، وينشر أخبارًا كاذبة، ويستغل أي خلاف صغير لتحويله إلى صراع كبير.
يبدو ان بداية علاج وانقاذ “بوكو حرام” من الأمراض النفسية والعقلية التي تنذر بحلول “الزهايمر”، موجودة بالمصحة التي ذكرنا ببسكورة، فأقصى ما يتمناه “بوكو حرام” يوميا هو ان ينعم بلحظات نوم هنيئة، وذلك هو محاولة للهروب من الواقع، فهو لا يقدر ان ينام بمنزل أسرته الصغيرة وتلك حكاية أخرى نرويها في القادم من المشاهد، هي وقصة التخابر مع شخصيات إنفاذ القانون وتسجيل مكالماتهم رغم تغييره لاسمائهم الحقيقية في سجل الهاتف الذي عمر بدوره لسنوات، دون قدرة النفس الشحيحة على مواكبة العصر واقتناء آخر ما جادت به التكنولوجيا.
في الحلقة القادمة، سنرى كيف اصبح “بوكو حرام” محاصرًا بكشف ألاعيبه، وتداعيات كشف مؤامراته، وهل سيتعلم درسًا عميقا في ارذل العمر أم سيستمر في ألاعيبه الشريرة إلى ان يلقى شبرا من التراب؟