حميد يفيد.. أنا وحدي نضوي البلاد.. أنا وحدي نضوي البلاد
-مجلة الجديدة-
يبدو أن المستشار الجماعي المعارض، حميد يفيد، قد اختار توجيه سهامه بشكل مستمر نحو رئيسة المجلس الجماعي لسيدي بنور، متناسيًا الدور الإيجابي الذي يجب أن يلعبه كعضو معارض يسعى لتقديم بدائل تخدم مصالح الساكنة، آخر انتقادات يفيد تمثلت في استياءه من تحركات الرئيسة، بما في ذلك حضورها لدعم صغار المستثمرين في افتتاح محلات تجارية توفر فرص عمل للشباب وتسهم في تنشيط الحركة التجارية المحلية.
يظهر حميد يفيد في منشوره الأخير، كما لو أن مساهمته في تنمية المدينة واضطلاعه بدوره الرقابي حول تدبير الشأن العام المحلي، يتوقف عند معارضة تحركات رئيسة المجلس، دون تقديم بدائل ملموسة تعود بالنفع على المواطنين، فهل يُعد حضور رئيسة المجلس لإفتتاح محل للمأكولات السريعة أو حمام عصري أمرًا يستحق الانتقاد؟ خاصة إذا كان هذا الحضور الرمزي يشجع الاستثمار المحلي ويوفر فرص شغل للعاطلين من شباب المنطقة؟
إن السؤال الأهم هنا ليس لماذا تحضر الرئيسة هذه المناسبات، بل لماذا تغيب مثل هذه المبادرات عن المشهد العام؟ فتحقيق التنمية الاقتصادية المحلية يعتمد بشكل كبير على تشجيع الاستثمار، وتحفيز صغار المستثمرين، ودعمهم في مشاريعهم، وهو ما يبدو أن رئيسة المجلس تسعى إلى فعله، خاصة اذا تلقت دعوة للحضور، والشاهد أنه بدلاً من التركيز على النقد من أجل النقد، كان من المفترض أن يستغل حميد هذه الفرص لتسليط الضوء على أهمية تشجيع المشاريع الصغيرة التي توفر فرص عمل جديدة، وتنعش الاقتصاد المحلي، وتسهم في الحد من البطالة ولو بشكل جد منخفض.
يفيد في منشوره يرى أن حضور مثل هذه المناسبات هو دليل على “العجز” عن إنجاز مشاريع تنموية أكبر، إلا أن الحقيقة التي يبدو أنه يغفلها هي أن تنمية مدينة كسيدي بنور، لا تتعلق فقط بالمشاريع الكبيرة، بل تبدأ أيضًا بدعم المشاريع الصغيرة التي تعتبر العمود الفقري للاقتصاد المحلي، فهذه المبادرات قد تبدو رمزية، لكنها تقدم أثرًا حقيقيًا ومباشرًا على حياة المواطنين، خاصة الشباب العاطلين عن العمل.
في ظل هذه الانتقادات، يبدوا أن المستشار المعارض حميد يفيد مدعوا الى أن يعيد النظر في نهجه السياسي، خاصة ان رصيده الانتخابي تهاوى بنسبة 80,78 بالمئة بين سنتي 2015 و 2021، وهو ما يفيد إعلانه المسبق عن عدم تقدمه للإنتخابات المقبلة.
فبدلاً من الاكتفاء بانتقاد تحركات الرئيسة، عليه أن يقدم حلولًا ملموسة ومقترحات بناءة للمشاكل التي يراها، وأن يعمل على المساهمة في تحقيق تنمية شاملة للمدينة، ففلسفة المعارضة لا تعني دائمًا الوقوف في وجه كل تحرك، بل يتعلق بتقديم بدائل تسهم في تحقيق تقدم حقيقي.
فهل يُدرك حميد أن نجاح المجلس الجماعي ورئيسته في دعم الاستثمار المحلي والمساهمة في توفير فرص العمل هو نجاح للمدينة بأكملها، وليس مناسبة لتصفية الحسابات السياسية، وان انتقاده كان من الاجدر ان يوجه صوب أخيه الرفيق الجديد بصفوف المعارضة، حينما باع الوهم بإحداث مشروع ضخم لمصنع صناعة الاعلاف خلال الحملة الانتخابية؟
أضف الى ذلك، وفي سياق تناقضاته أيضا، نشر المستشار الجماعي حميد يفيد مؤخرًا صورة له وهو يتناول وجبة “الحوت بالفريت” في منتجع الواليدية الشهير، مما تثير تلك الصورة التساؤلات العديدة حول مدى ارتباط حميد فعليًا بمعاناة البنوريين، فبينما يوجه انتقادات لاذعة لرئيسة المجلس لحضورها بجانب صغار المستثمرين في سيدي بنور، يختار يفيد أن يستمتع بوجبة غداء خارج المدينة، ألم يكن من الأولى أن يدعم الاقتصاد المحلي بتناولها في أحد مطاعم سيدي بنور؟ دعمًا للمطاعم الصغيرة التي تحتاج إلى دعم أبناء المنطقة؟
أكثر من ذلك، وفي ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها العديد من المغاربة في ظل موجة غلاء الاسعار واللحوم الحمراء، ألم يكن من الأجدر بعضو حزب العدالة والتنمية أن يمتنع عن نشر صور الوجبات احترامًا للفقراء والمحتاجين الذين يكافحون من أجل توفير لقمة العيش؟ لذلك يمكن القول أن انتقاداته الموجهة نحو الآخرين لا تنسجم مع تصرفاته الشخصية، مما يثير تساؤلات حول مدى جديته في الدفاع عن مصالح المواطنين الذين يدعي تمثيلهم من خلال صناديق الاقتراع.
يبدو أن المستشار المعارض حميد يفيد قد وصل إلى مرحلة من المعارضة التي تفتقر إلى العمق والتركيز على القضايا الحقيقية، فبعد انتقاداته المتكررة لرئيسة المجلس حتى في مبادراتها التي تدعم صغار المستثمرين، قد لا يتبقى ليفيد إلا أن يتجه نحو مسارات أكثر غرابة، مثل التدخل في حياتها الخاصة ومعارضته لها! فهل سيصل به الحال إلى معارضة زوج الرئيسة أو ربما إبداء معارضته في ساعة استيقاظها أو نومها؟
هذا التوجه التافه في انتقاداته يعكس افتقارًا إلى الرؤية الحقيقية لمسؤولياته كمستشار جماعي معارض، بدلاً من الانشغال بالتفاصيل الشخصية، كان من الأفضل لحميد أن يركز على تقديم حلول عملية للتحديات التي تواجه المدينة، وأن يعمل على تحقيق تنمية ملموسة تهم المواطنين، عبر جلب الاستثمار وتشجيع المستثمرين صغارا وكبارا، ولو بالكلمة الطيبة.