صناعة التفاهة.. غداء الفكر المتطرف
حمزة رويجع
تواصل صناعة التفاهة في عصرنا الحالي توسيع قاعدتها الشعبية، فهل هي متنفس ضغوطات الحياة اليومية؟ أم للأزمات الإقتصادية والصدمات النفسية قد تعتري الإنسان في حياته؟ كيف تحولت منصات التواصل الاجتماعي في ظرف قياسي وفي لحظات طفيفة إلى منابر عالية تلفظ لنا سوء الخُلُقْ، ووجوه يختبئ وراء ألسنتها، معاجم من السب والقذف.
إن الرواج المالي والأرباح المادية التي أضحت تخلفها صناعة التفاهة لأصحابها، أصبحت تحت أعين الضرائب، وهذه هي الطامة الكبرى، فمن يروج لذلك من قبيلتنا في جسم الإعلام، فإنه التطبيع الكبير مع التفاهة، فلن ننصدم في التعديل الحكومي القادم، أن نجد لصناعة التفاهة قطاعا حكوميا، وغرفة حرفية ينتخبون فيها أعضاء ممثلين للقطاع، ويشاركون في جلسات الحوار الإجتماعي يطالبون ب”كوطة” داخل منبر البرلمان كون أن منابرهم أقوى من غرفتي التشريع التي تستوجب ان تسارع في الوقت الحالي الى ردعهم وحماية وصون حقوق أخلاق المجتمع المغربي وقيمه الأصيلة، عبر اعادة مشروع قانون رقم 22.20 المتعلق باستعمال وسائل التواصل الاجتماعي، إلى مسطرة التشريع، والتشديد في العقوبات اكثر، مع الإعتذار لوزير العدل الأسبق محمد بن عبدالقادر.
لقد بادر أهل الذكر، من معتلي منابر رسول الله في المساجد، وعبر جلسات الوعظ والإرشاد، أدوارهم في التوعية والتحسيس، وخيرا فعل المجلس العلمي للجديدة في فترة سابقة بتنظيم ندوة علمية داخل المسجد الأعظم بلحمدونية للحديث عن مواقع التواصل الاجتماعي بين التهيب والتسيب ووظيفة المسجد في ضبطها.
كما قامت المنابر الصحفية الجادة بالتطرق للموضوع بحضور خبراء القانون وعلم الإجتماع، حيث صدقت احدى الطبيبات في علم النفس بالقول ان مواقع التواصل الاجتماعي هي مواقع اللاتواصل اللاإجتماعي.
كما نجحت أيدي العدالة في القصاص عبر الأحكام القضائية الزجرية بالإدانة إبتدائيا وإستئنافيا، لمن يفسد أخلاق الأطفال ويعطي القدوة السيئة لجيل من القاصرين سنا وعقلا.
لكن، كل ذلك أمام المد الجارف للتفاهة، الذي لاطالما قلنا انه سيمر بلارجعة، وأننا سنستيقظ ذات صباح، أمام نظافة الفايسبوك وتيك توك، من أزبال بشرية، تتاجر بالمآسي، وتُسَوِدُ الفضاء الأزرق بقاذوراتها اللفظية، وتنخرط في حملات الإبتزاز الإلكتروني الدولي العابر للحدود.
لكن لم ينتهي ذلك، والأخطر من ذلك، هو ما شاهدته يوم أمس، إحدى الفيديوهات ذات الابعاد المتطرفة، والتي إستغلت الخطاب الديني المتشدد، قصد مواجهة صناع التفاهة وتحميل المسؤولية لجهات اخرى، فبذلك تكون التفاهة غداء للفكر المتطرف المتشدد.
فكل الحذر كل الحذر من ذلك، فلن يغني عن وقوع الأسوء، أن نقول “أكلت يوم أكل الثور الابيض”.