شذرات من التاريخ: العلامة أبوشعيب الدكالي.. قاضي القضاة ووزير العدل والمعارف
-مجلة الجديدة-
ولد الشيخ أبو شعيب الدكالي في دار الفقيه بن الصديقي بدكالة في 25 ذي القعدة عام 1296هـ، وهو من قبيلة أولاد عمرو، إحدى قبائل دكالة العربية المعروفة في المغرب منذ عهد المرابطين. نشأ يتيماً تحت كفالة عمه العلامة سيدي محمد بن عبدالعزيز الصديقي، وتلقى تعليمه الأولي بقرية الصديقات بمنطقة الغربية، حيث حفظ القرآن ودرس المتون الشائعة آنذاك.
في سن الثالثة عشرة، جذب انتباه السلطان مولاي الحسن الأول بحفظه المتقن للقرآن والقراءات السبع. أعجب السلطان بذكاء أبو شعيب وفصاحته، وأمر بمنحه مكافآت تقديراً لموهبته المبكرة.
رحل إلى مصر عام 1314هـ – 1896م لمتابعة دراسته في الأزهر، حيث تلقى العلم على أيدي علماء بارزين مثل شيخ الإسلام سليم البشري والعلامة الشيخ محمد بخيت المطيعي. كان الشيخ محمد عبده من بين من أشرفوا على امتحانه لدخول الأزهر.
انتقل بعدها إلى مكة المكرمة حيث عُيّن إماماً وخطيباً ومدرساً في الحرم المكي بناءً على ترشيح شيخ الأزهر. استغل وجوده في مكة للاستفادة من علماء الحجاز والشام، وأجاز عدداً كبيراً من طلاب العلم من مختلف البلدان.
عاد إلى المغرب عام 1328هـ – 1910م بعد دعوة من السلطان مولاي عبد الحفيظ. تبوأ منصب قاضي مراكش ثم وزير العدل والمعارف، وساهم في إصلاح القضاء والتعليم في المغرب. أسس مجلس الاستئناف الأعلى الشرعي، وعمل على تطوير التعليم الديني في جامع القرويين.
كان له دور إصلاحي بارز، حيث حارب الشرك والخرافة والبدعة، ودعا إلى العودة إلى القرآن والسنة. اعتمد منهجاً تعليمياً واضحاً وبسيطاً، وأكد على أهمية الانشغال بواجب الوقت والتواصل مع علماء العصر.
وفي الجانب العملي، لم يتوقف عن التدريس والخطابة رغم مهامه الرسمية، وساهم في تثبيت أراضي المغاربة وحماية حقوقهم من الاستعمار الفرنسي. رفض محاولات التحرر من الشريعة الإسلامية في القضاء والتعليم، وكان له دور بارز في مواجهة الاستعمار الفرنسي والدفاع عن وحدة الدولة.
توفي الشيخ أبو شعيب الدكالي تاركاً وراءه إرثاً علمياً وإصلاحياً كبيراً، وكان له تأثير عميق على النهضة الفكرية والدينية في المغرب والعالم الإسلامي، ضل العلامة ابوشعيب الدكالي في كنف الاسرة العلوية الى ان وافته المنية سنة 1937.