أخبار العالم

الأمن العقاري بسيدي بنور.. Iالحلقة الثانيةI

-حمزة رويجع-

الثقة في المعاملات العقارية تُعدُّ عنصرًا حيويًا لضمان استقرار السوق العقاري وجذب الاستثمارات، الثقة في المعاملات هي ضمانة للمشتري والبائع والموثق الذي بينهم، لكن الثقة لا تسهم في حماية الحقوق وتجنب المنازعات، خاصة حينما تواجه الثقة بواقعة الخيانة، حيث إقليم سيدي بنور نموذج صارخ في ذلك. لأننا أصبحنا امام جريمة معقدة، مكتملة الأركان، وحينما اخترنا عيد الأضحى في مواصلة سلسلة “الأمن العقاري بسيدي بنور” لم يكن اختياراََ عشوائياََ، لأنه بكل بساطة، إذا كان احد يعيش في الترف وقد انتهى من توزيع الأكباش لفائدة الغير خلال الأسبوع الماضي، فإن لحومها تدخل في خانة “السحت”، وليس السعي الى القتل ب”السم” مثل العقارب.

قال الله تعالى في محكم تنزيله “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ” (النساء: 29). كما قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به” (رواه الطبراني)، لذلك فديننا الحنيف يشدد على أهمية الكسب الحلال والابتعاد عن المال الحرام، ويُحذر من عواقب السُّحت ويحث على العدل والنزاهة في المعاملات العقارية المالية.

لاشك أن التدليس والإكراه في المعاملات العقارية يمثلان تهديدًا كبيرًا للأمن العقاري ويترتب عليهما آثار سلبية عديدة، حيث يؤدي التدليس والإكراه إلى فقدان الثقة في السوق العقاري، ويصبح المشترون والبائعون مترددين في الدخول في صفقات عقارية بسبب الخوف من التعرض للخداع أو الاستغلال.

حالات التدليس والإكراه دائما تنتهي إلى منازعات قانونية معقدة ومكلفة وجد مطولة، وهو ما يؤثر سلبًا على جميع الأطراف المعنية ويعطل الأعمال الإستثمارية، كما يؤدي التطبيع مع حالات التدليس والإكراه، والبحث عن المبررات الواهية، إلى تدهور الأمن العقاري برمته، فتصبح المعاملات غير آمنة وغير موثوقة، والمناخ العام للإستثمار في أسوء حالاته.

سيدي بنور، شهد الاستيلاء على الأراضي العقارية بطرق غير مشروعة، وذلك كان له تأثير مباشر على فرص الاستثمار، المستثمرون يبتعدون عن الأسواق التي تُعرف بوجود ممارسات غير قانونية، وهو ما يؤدي إلى انخفاض تدفقات الاستثمارات الأجنبية والوطنية.

كما أن المستثمرين يتحملون التكاليف الإضافية للتحقق من سلامة الممتلكات والإجراءات القانونية، الأسواق العقارية التي تشهد ممارسات التدليس والإكراه تتأثر سمعتها سلبًا على الصعيد المحلي، وحتى اذا ضحكت لها الدنيا في البداية، فإنها تكون مبكية في النهاية.

مكافحة هذه الممارسات وضمان الأمن العقاري، أضحى من الضروري اتخاذ إجراءات صارمة لمنع الإفلات من العقاب، حيث أن ألية الوساطة التحكيم، تمكن من جبر الضرر، فبأي حال يعود العيد، اليوم، وأب وأم وأبناء وأحفاد، يتجرعون مرارة الضياع والغدر، أي “شواء” أكثر من “شواء” القلوب، حسرة وألم على ما ضاع، حيث الرجاء في الواحد الاحد، وفي الضمير اذ لازلت فيه حبة من حبات الإيمان الصادق.

تحقيق العدالة الإلهية أمر محتوم، وليس مؤجل الى وقت لاحق فقط، فإرادة الله، فوق إرداة البشر، الله سبحانه وتعالى يُمهل ولا يعجل بالعقاب على الفور، في القرآن الكريم والسنة النبوية، يُذكر أن الله قد يؤخر عقاب بعض الناس لحكمة يعلمها هو، ولكن ذلك لا يعني أنهم في مأمن من العقاب أو أن أفعالهم مقبولة، في سورة إبراهيم الأية 42 يقول المولى عز وجل: “وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُون إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَار”.

كما أن تأخير العقاب الإلهي، يمكن ان يكون له ثلاثة أهداف أساسية، أولها الإصلاح، قد يؤخر الله العقاب ليمنح الناس فرصة للتوبة والعودة إلى الطريق المستقيم، عبر الوساطة وإبراء الذمة. كما يمكن أن الله يُمهل البعض كاختبار لهم ولغيرهم، ليرى كيف يتصرفون وكيف يتصرف حتى المجتمع تجاه أفعالهم. وأخيرا يمكن ان يكون التأخير استدراجًا من الله ليزدادوا في الغيّ حتى يأتيهم العقاب بغتة وهم في أشد حالات الضلال والغرور.

الأكيد، أن الثقة في المعاملات العقارية هي العمود الفقري لاستقرار الاقتصاد الوطني، وجذب الاستثمارات وخلق فرص الشغل، ومن خلال محاربة التدليس والإكراه وضمان عدم الإفلات من العقاب، مع إعلام مهني جاد ومسؤول غير متواطئ، لايتردد في كشف الحقائق، يمكن تحقيق بيئة عقارية آمنة ومستقرة تسهم في النمو الاقتصادي والاجتماعي.

لكل ذلك، سنواصل سلسلة “الأمن العقاري بسيدي بنور”، لن نتردد في كشف الحقيقة، ونجدد التأكيد في “مجلة الجديدة”، أننا لن نسمح لأحد في أن يخندقنا في صف جهة على حساب جهة، فالزمن أكد أنه لا صديق دائم لنا، وأننا منفتحون على شيء واحد، هو كشف الحقيقة.

لقد سبق وان قلنا ونجددها مرة أخرى، نحن واعون وقادرون على التمييز بين منطق الصداقة العابرة، ومنطق المهنة الدائمة، فليلة السبت العظيم لازلت شاهدة على ذلك، وهدفنا من هذه السلسلة هو تحقيق “الأمن العقاري بسيدي بنور”.

يتبع…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى