السياسي الماكر.. النرجيلة وتدمير الضمير والذات الجسدية
-حمزة رويجع-
لم تكن مكائد السياسي الماكر تقتصر على أفعاله الخبيثة فقط، بل امتدت تأثيراتها لتشمل صحته الجسدية والنفسية. في هذا الفصل الثاني من الرواية المستمرة، سنلقي الضوء على كيف دمرت النرجيلة جهازه التنفسي، وكيف أصبح بدون عواطف أو مشاعر، وكأن روحه قد فارقته، تاركة إياه إنسانًا في جسد بلا روح.
كان “السياسي الماكر” مدمنًا على النرجيلة، يقضي ساعات طويلة مستمتعًا بدخانها الكثيف، كانت النرجيلة وسيلته للهروب من الواقع وتخفيف الضغوط التي يواجهها، لكن هذه العادة السيئة لم تمر دون تأثيرات سلبية على صحته، حيث بدأت صحته بالتدهور بشكل ملحوظ، وأصبح يعاني من مشاكل خطيرة في جهازه التنفسي.
بل ان من تداعيات سمات شحه وفقره الفكري، وعدم تمتيع نفسه من أموال بيع الخمور، كأنه مصاب بلعنة، لعنة ان لا ينفق على نفسه، فزجاجة النرجيلة، امتلكها كهدية من صديق سبق ان غدر به، ولم يقوى الماكر حتى ان يقتني انابيب جديدة لزجاجة النرجيلة، فتكونت بها بكتريات وطفيليات، تجعل أي مدخنها لأول مرة، يمر من نوبة ضيق تنفس شديدة، والغريب ان السياسي الماكر، يتلذذ حينما يرى ضيوفه يعانون منها، تلك سمته في ان يتمنى الشر لأقرب مقربيه.
تسببت النرجيلة في تدمير رئتيه، وكادت ان تدمر رئات رفاقه، مما جعله يعاني من صعوبة في التنفس، ومع تدهور حالته الصحية، بدأت تتأثر قدرته على التفكير بوضوح.
فالتنفس هو الأساس في تغذية الدماغ، ومع نقصان الأكسجين، أصبح الغادر يعاني من تراجع في وظائفه العقلية والنفسية.
مع تدهور صحته، فقد الكثير من مشاعره وعواطفه، أصبح كأنه إنسان في جسد بلا روح، يتحرك فقط بفضل الهواء الصاعد والنازل من النرجيلة.
ومما يأكد انه إنسان شحيح، فإنه لايقوى ان يقتني مكونات النرجيلة، واهمها “المعسل” بكميات وافرة، فقد أصبح تجار المحلات التجارية يألفون زيارته اليومية، مقابل 35 درهم، بالإضافة إلى 20درهم مقابل “الفاخر”.
لم يعد الماكر يشعر بالحزن أو الفرح، وكأن قلبه قد تجمد، كان يعيش في دوامة من الألم الجسدي والنفسي، لم يكن قادرًا على الخروج منها، ذلك الألم أراد ان يذيقه لجميع البشر.
كانت النرجيلة تسهم في تدمير ضميره وتجعله أكثر قسوة وغدرًا، كلما ازداد تدمير النرجيلة لجهازه التنفسي، كلما ازداد الغادر قسوة وعدوانية، لم يكن يتردد في استخدام أساليب ملتوية لتحقيق أهدافه الشريرة، ولم يكن لديه أي اعتبار لمشاعر الآخرين، كانت النرجيلة تملأ عقله بالضباب، وتجعل من الصعب عليه التمييز بين الصواب والخطأ، لأنه بكل بساطة هو الخطأ بعينه.
لم يكن التأثير السلبي للنرجيلة يقتصر على جهازه التنفسي فقط، بل امتد ليشمل تدمير العروق والأعصاب في جسده، كان الغادر يعاني من آلام مزمنة، وفقدان تدريجي للحواس، يتسلل الخبن إلى كل جزء من جسده، يدمره ببطء ويجعل حياته جحيماً لا يطاق.
رغم كل هذه المعاناة، لم يتوقف الماكر عن غدره وانعاش شيطانه المارد، كانت مكائده تتزايد وتزداد تعقيدًا، كان يعلم أن النرجيلة ودسائسه يقتلانه ببطء، لكنه لم يكن يستطيع التخلي عنهما.
كانت وسيلته للبقاء على قيد الحياة، هو ان يخطط بالليل، ويستمتع بالمكالمات الهاتفية، التي تحيي انتصارات “الجوكر” في مواجهة خصومه، كان يتلذذ بتلك الكلمات، ويعتبر نفسه منتصرا، رغم أنه مدمر من الداخل، خاصة مع فساد ضميره، أصبح الماكر مصدرًا للتعاسة لكل من يجاوره، ولا يقوى احد إلى مجالسته لأكثر من نصف ساعة، فالطاقة السلبية المرتفعة تزعج كل إنسان عاقل.
في نهاية هذه الحلقة، نجد الماكر وقد أصبح ظلًا لإنسان كان في يوم من الأيام يتمتع بالحيوية والنشاط الوهمي،كان جسده يتهاوى، وروحه تذبل، لكنه لم يتعلم أي درس من معاناته. فإستمر في طريقه المظلم، دون أي أمل في الخلاص.
في الحلقة القادمة، سنستكشف كيف ستتطور الأمور بالنسبة للماكر، هل سيتمكن من التغلب على إدمانه والنهوض من جديد؟ أم أن طريقه المظلم سيستمر في التعمق؟